المشرف العام المشرف العام
عدد الرسائل : 30 العمر : 43 الوظيفة : مدير تنفيذي جمعية حماية البيئة تاريخ التسجيل : 08/01/2008
| موضوع: المشاركة المجتمعية السبت 31 مايو 2008, 3:29 pm | |
| ]المشاركة المجتمعية يدور القاسم المشترك الأعظم فى حديث الإصلاح حول ما يسمى المشاركة المجتمعية. مشاركة الناس فى اختيار ممثليهم واختيار نظام الحكم ورموزه، ومشاركة المرأة فى جهود ونتائج التنمية، ومشاركة مؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص للحكومة فى إدارة شئون البلاد... وهكذا. ورغم وجود تعريفات عديدة للمشاركة وتفريعات كثيرة لها، إلا أننا نميل إلى تعريف إجرائى بسيط وهو إنها تعنى أن كل أفراد المجتمع شركاء فى أموره يتقاسمون الأعباء والجهود والتكاليف ويتقاسمون الأرباح والعوائد والمزايا. ومثل هذا المفهوم واضح ومستقر فى أى شركة تجارية بسيطة أو معقدة أو فى محل بقاله أو قهوة، الشركاء يتحملون تكاليف المشروع معاً ويتقاسمون الأرباح معاً كل حسب نصيبه أو مساهمته. فلا يصح نظرياً ولا يستقيم عملياً أن يساهم أحد الشركاء ب10% من رأس مال المشروع أو العمل المطلوب له ثم يطالب ب90% من الأرباح. والمواطنون في أي مجتمع هم شركاء في هذا المجتمع فيما يقومون به من أعمال.وقد كانت طريقة اقتسام أعباء وعوائد التنمية فى المجتمع هى النقطة الفاصلة بين النظم السياسية والاقتصادية المختلفة. ففى المجتمعات الشيوعية يكون المبدأ الحاكم من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته ولكن النظم الرأسمالية تحتكم إلى مبدأ آخر هو: من كل حسب جهده ولكل حسب عمله. إلا أن المبدأ الواضح فى كل النظم أن هناك اقتساماً أو مشاركة فى الأعباء والعوائد. والمشاركة بهذا المعنى مرتبطة ارتباطاً لا ينفصم بنظام الحكم الجيد والديمقراطية والشفافية والمحاسبة وحقوق الإنسان فى كل المجالات، غير أن الحديث شيء يمكن أن يكون منفصلاً تماماً عن العقل. وإذا كان حديث الإصلاح يدور على أشده فى العالم العربى، ويستمر حوله اللغط الفارغ عديم الجدوى حول ما إذا كان نابعاً من الداخل أم مفروضاً من الخارج، فينبغى أن نعرف أن للعرب تراثاً أصيلاً فى اعتبار أن القول بديل للفعل. فبدلاً من أن نفعل نقول إننا فعلنا.. هذا التراث سائد منذ أن قال أبو الطيب المتنبي: الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم. وقد كان المتنبي شاعراً فذاً لكنه كان كاذباً كبيراً فى مسألة الخيل والليل والسيف والرمح وقد تسبب هذا الفشر فى هلاكه. ونقول.. ونقول ولكننا مازلنا نسير على هدى هذا الشاعر الكذاب ونقول.. ونقول. وقد كان الموضوع الرئيسي تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 2003 عن المشاركة وقد تبين من الإحصاءات التي أوردها التقرير ضعف المشاركة المجتمعية فى مصر إلى حد معيب أحياناً حيث اتضح أن فئات كثيرة من المجتمع المصري تعمل وتكد ولكنها مستبعدة من المشاركة السياسية، كما أنها مستبعدة من الحصول على نصيب عادل من موارد المجتمع وعوائد التنمية فيه. وفيما يلي نعطى فقط بعض الأمثلة على الفجوات السحيقة فى جهود التنمية فى مصر والتي تجعل مسألة المشاركة المجتمعية مشكوكاً فيها. -التعليم حق لكل مواطن، كما أنه ضروري لتقدم المجتمع. ولكن تقرير التنمية البشرية ذكر أنه فى عام 2000/ 2001 كان هناك 4،2 مليون طفل غير ملتحقين بالتعليم وكان فى مصر 18 مليون أمي. -رغم أن الجميع لهم نفس الحق فى موارد الوطن إلا أن الأرقام الرسمية تقول إن عدد الفقراء فى مصر كان أكثر من 13 مليوناً (وهناك أرقام دولية وأرقام باحثين مستقلين تقول إن عدد الفقراء فى مصر يزيد على 30 مليوناً والفقير هو من لا يجد ما يسد احتياجاته الأساسية من الطعام او الملبس والمسكن رغم أنه يكد ويكدح طوال الليل والنهار. -الصحة الجيدة أيضاً حق للمواطنين جميعاً. لكن الفقراء محرومون من مياه الشرب النقية أو الصرف الصحي أو الطعام الكافي ومحرومون من الخدمات الصحية الجيدة وتشير الأرقام الرسمية إلى أن 8،8% من الأطفال فى مصر ناقصو الوزن ويعانون من سوء التغذية، وأن حوالي 40 طفلاً من بين كل ألف يموتون قبل سن الخامسة (الأرقام الحقيقية أيضاً أعلى من هذه الأرقام بكثير). -المرأة نصف المجتمع. ورغم كل ما يقال عن مشاركة المرأة وتمكين المرأة، ورغم ما تحقق من تقدم فى السنوات الأخيرة فى هذه المجالات، فمازالت مشاركة المرأة ضعيفة للغاية فلا يزيد تمثيلها فى مجلس الشعب على 4،2% ونسبة النساء الأميات والفقيرات والمعرضات للمرض والموت لأسباب يمكن تجنبها، ومازالت كبيرة جداً بالمقارنة بالرجال أو بالمتوسط العام فى المجتمع. والمرأة نصف المجتمع مازالت تعامل فى كل المجالات باعتبارها من الأقليات. -والعمل المنتج حق وواجب على الجميع. ويصل عدد المتعطلين عن العمل فى مصر إلى أكثر من مليونين (وهناك من يقدر العدد بخمسة ملايين). كيف يشارك هؤلاء في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لوطنهم؟ وهل يمكن لهم أن يشعروا أن الوطن الذي أهملهم بهذا الشكل هو وطنهم وعليهم أن يحموه ويدافعوا عنه؟! -ويصل سكان العشوائيات فى مصر إلى أكثر من 15 مليوناً حسب الأرقام الرسمية، يعيشون فى بيئة متدهورة محرومة من كل مقومات الحياة الكريمة، لا سكن مناسب ولا طعام كاف ولا عمل منتظم ولا أمن ولا استقرار. ما نوع المشاركة التي نتوقعها من هؤلاء. -الأحزاب الرسمية والنقابات المهنية والجمعيات الأهلية هى أهم منظمات المجتمع المدني التي ينبغي لها أن تلعب أدواراً مؤثرة وفاعلة فى تنمية وتقدم المجتمع، ومع ذلك فإنها مهمشة بدرجة كبيرة، بالنسبة للأحزاب لا يوجد إلا حزب واحد مسيطر (ليس لشعبيته وإنما لارتباطه بالحكومة والحاكم) وبالنسبة للنقابات والمنظمات الأهلية فإنها مكبلة إلى حد كبير بتدخلات الحكومة وإجراءاتها التعسفية. والنتيجة الحتمية لكل ذلك هي إحجام الناس عن المشاركة، وغالباً ما يلقى اللوم على الضحية فيقال إن الناس تتصف بالسلبية وعدم الاكتراث والانشغال بتوفير القوت الضروري، وذلك كله صحيح لكنه يصف الأمراض ولا يتعمق لمعرفة أسباب المرض. لقد أحجم الناس عن المشاركة لأنهم تم ا استبعادهم وتهميشهم مع سبق الإصرار والترصد. ومن أراد أن يشارك ويسمع صوته تعرض لأنواع من الاضطهاد والعنت ولم يجد أى جدوى لمحاولته فى النهاية.. ولا تقتصر آثار عدم المشاركة على السلبية واللامبالاة، ولكنها تمتد إلى أبعد من ذلك، فمن تم إهماله وتهميشه يمكن أن يصبح مخرباً أو مجرماً أو إرهابياً أو جاسوساً. إن عدم المشاركة فى جهود التنمية بمفهومها الحديث وهو توسيع خيارات الناس ضعيفة ومشوهة أو غير ممكنة فى الواقع مما يعوق تقدم المجتمع. إن الوطن ليس أرضاً وعلماً ونشيداً فقط والمواطنة تعنى المشاركة. | |
|